السبت , 20 أبريل 2024

مرآة الوصول في شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين 10884394_949124495116592_925572251_n
وبعد فهذا شرح مختصر لقصيدة سيدي أحمد زروق في مدح و وصف النبي صلى الله عليه وسلم المسماة: مرآة الوصول في شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم, وهذا الشرح كتبته من تدريس شيخنا العلامة الحبر الفهامة : الشيخ بن حَمَّ الصعيدي أطال الله عمره في صحة وعافية وكنت قد درست هذه القصيدة على شيخنا يوم الثلثاء السابع من ربيع الأول عام 1425 هــ
لقد كان خير الخلق ابهر طلعة = من البدر بل من شمسه هو الهب
{لقد كان} بمعنى لم يزل {خير الخلق} صلى الله عليه وسلم {أبهر} أي انور وأحسن {طلعة} الطلعة الرؤية أو الوجه {من البدر} البدر : القمر ليلة تمامه سمي بذالك لأنه يَبْدرغروب الشمس أي يسبقها طلوعه { بل من شمسه هو الهب} أي أشد توقُّدا وجمالا
جميل المحيا ازهرُ اللون ابلج = بهي بهيج الوجه ابيضُ مُشْرَبُ
{جميل} :حسن {المحيا} : الوجه {أزهر اللون} أي نيره {ابلج} البلج نقاء ما بين الحاجبين وضده القرن بالتحريك وهو اتصال الحاجبين بحيث يلتقى طرفاهما
اشمُّ أزج الحاجبين مفلج = كحيل الجفون أدعج العين أهدَبُ
{اشمُّ} الشمم ارتفاع قصبة الأنف مع استواء اعلاه مع اشراف الأرنبة والأقنى السائل الأنف المرتفع وسطه , يعنى أنه صلى الله عليه وسلم يحسبه من لم يتأمله أشم ومن تأمله عرف أنه اقنى , {أزج الحاجبين }الحاجب الأزج هو المقوس الطويل الوافر الشعر والمقوس أي المشبه بالقوس والوافر أي المتصل بعضه ببعض بحيث لا يتخلله فُرج وهو لا ينافى دقته أي رقته في نفسه في طول و امتداد و الزجج ما كان خلقة و التزجيج ما صنع ومنه زججن الحواجب ,{مفلج} التفليج انفراج مابين الثنايا , {كحيل الجفون}أي كحلا خَلقيا {أدعج العين} أي شديد سواد الحدقة و الدعج :شدة سوادها مع اتساعها {أهدبُ} طويل الاشفار والأشفار شعر العين.
مدوَّر وجه انور متجردا = كأنَّ المها في وجهه ليس تغربُ
{مدوَّر وجه} أي كان في وجهه صلى الله عليه وسلم تدوير قليل {انور متجردا} متجردا تميز محول عن الفاعل بكسر الراء وفتحها أي نير العضو المتجرد عن الثوب , {كأن المها في وجهه ليس تغرب} المها أي الشمس ولعلها ترخيم مهاة للضرورة قاله عبد القادر
اسيل خدود أنجل كث لحية = طويل بَنانٍ واسع الصدر أشنب
{أسيل} الإسالة هي الاستطالة أي طويل {خدودٍ} جمعه اطلاقا على التثنية , أي واسعهما حسنهما , {أنجل} النجل سعة العين وحسنها وهو من نجل كتعب وعين نجلاء كحمراء {كث لحية } أي عظيم اللحية من غير طول ولا رقة , {طويل بَنان}البنان الأصابع وقيل أطرافها الواحدة بنانة سميت بذالك لأن بها صلاح الأحوال التي يستقر بها الإنسان لأنه يقال أبَن فلان بمكان إذا استقر به , {واسع الصدر } أي عريضه وذالك آية النجابة , {أشنب} الشنب رونق الأسنان وماؤها وقيل رقتها وتحزيز فيها
جليل المُشاش بادن متماسك = ضليع فمٍ ضخم الكراديس قُلَّبُ
{جليل} أي عظيم { المُشاش}بميم مضمومة جمع مشاشة وهي رؤوس العظام , {بادن} أي ذو لحم أي سمينا سمنا معتدلا والحق أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن سمينا جدا ولا نحيفا , {متماسك} أي ليس بمسترخ بل يُمْسِكُ بعضه بعضا , {ضليع فمٍ} الضليع الواسع , {ضخم الكراديس} أي عظيمها جمع كردوس وهي رؤوس العظام , {قلب} كسكر والقلب المحتال البصير بتقلب الأمور وهي كناية عن كمال عقله صلى الله عليه وسلم وكمال تدبيره للأمور .
بعيد الذى بين المناكب واسعٌ = جبينا طليق الوجه ليس يُقطِّب
{ بعيد الذى بين المناكب}جمع منكب وهو مجمع العضد والكتف , والمراد أنه عريض أعلى الظهر ويلزم منه أنه عريض الصدر {واسع جبينا } جبينا تميز محول عن الفاعل أي واسع جبينه وهو ما فوق الصدغ وهما جبينان أي ممتد الجبين طولا وعرضا وبعبارة أخرى ما اكتنف الجبهة من يمين وشمال فتكون الجبهة بين الجبينين وسعة الجبين محمودة عند كل ذي ذوق سليم {طليق الوجه} متهلل بسام من طلق ككرم , {ليس يُقطِّب} بكسر الطاء المشددة إذا زوى ما بين عينيه وكلح ,
مرجَّل شعر أجعدٌ رحب راحةٍ= سواءُ الحشا والصدرِ عذبٌ مؤدَّبُ
{مرجَّل شعر} أي في شعره صلى الله عليه وسلم تثن قليل وتكسر خِلقة {أجعدٌ} أي فيه جعودة أي تكسر قليل { رحب راحةٍ} واسع الكف وهو دليل الجود وعكسه دليل البخل , والراحة بطن الكف مع بطون الأصابع , {سواءُ الحشا والصدر} الحشا البطن والمعنى أن بطنه وصدره مستويان بطنه لضموره لا يزيد عن صدره وصدره لكونه عريضا مساو لبطنه صلى الله عليه وسلم { عذبٌ}أي حُلوٌ أي أحلى الناس كلاما ومعاشرة وريقا {مؤدَّب} في الحديث (أدبني ربي فأحسن تأديبى ) أي علمنى التخلق بكل خُلق جميل أي علم روحى ذالك قبل إدخالها في جسدي ثم أدخلها فيه فكان منطبعا من أول الأمر على أتم الصفات
إذا افترَّ ريء النور من فيه خارجا = كأن ثناياه بروقٌ تَلهَّبُ
{إذا افترَّ} ضحك ضحكا حسنا  {ريء النور من فيه خارجا} {كأن ثناياه} جمع ثنية وهي أربع اسنان في مقدم الفم اثنتان من فوق واثنتان من الاسفل {بروقٌ تَلهَّبُ} أصلها تتلهب أي تلمع وتضيء
حكى ثغرُه حَبَّ الغمامِ إذا بدا = ذكي الحِجا سَبط العظام مُطيب
{حكى ثغرُه} أي شابه { حَبَّ} البرد {الغمام إذا بدا} الغمام السحاب , {ذكي الحِجا} تام العقل والحِجا العقل { سَبط العظام} أي ممتدها بلا تعقيد {مطيب} فقد طيبه الله حيا وميتا
قويم القناة لم يكن مترددا= قصيرا ولا هو الطويل المشذَّب
{قويم القناة} في الأصل واحدة القنا وهي الرمح والمراد بها هنا القامة أي معتدل القامة , {لم يكن مترددا قصيرا } المتردد الداخل بعضه في بعض قصرا لأن أجزائه كأنها تداخلت , {ولا هو الطويل المشذب}البائن الطول في نحافة
ولكن وسيطا ربعة القدِّ طائلا = مماشيَه ولو إلى الطُّول ينسبُ
{ولكن وسيطا} أي متوسطا بين الطول البائن والقصر {ربعة القدِّ} القد القدر والربعة المتوسط ومثله المربوع , { طائلا مماشيَه ولو إلى الطُّول ينسبُ} أي أنه زائد عليه في الطول فلا يماشي أحد إلا كان أطول منه ولو كان الماشي معه من أطول الرجال
طويل سكوتٍ سالم صدره دقيــــــــــق مَسْرَبَةٍ أقنى وجيه مُرَحِبُ
{ طويل سكوتٍ} أي صَمتِ لأن طول الفكر يستلزم طول السكوت لمنافات الفكر للنطق , {سالم صدره} من الكبر والحسد والغش والحقد وكل خلق مذموم وحشاه من ذالك صلى الله عليه وسلم
{دقيــــــــــق مَسْرَبَةٍ } المسربة خيط الشعر الذي بين الصدر و السرة , {أقنى} يعنى أنه كان اقنى العرنين مع دقة الارنبة ومع حدب أي ارتفاع وسطه والعرنين ما صلب من الأنف وقيل الأنف كله والارنبة طرف الأنف قاله القاموس , {وجيه} أي عظيم الجاه عند الله تعالى ,{مُرَحِبُ} اسم فاعل من رحب
و قد وسع الاقوامَ حلما وبسطةً = فصاروا سواء فيه فهو لهم أبُ
{ و قد وسع الاقوامَ حلما} الحلم حالة تُوقرُ وتثبت عند الاسباب المحركات , {وبسطة} طلاقة الوجه, { فصاروا سواء فيه فهو لهم أبُ} أي وسع الناس حلمه وبسطه فصاروا عنده في الحق سواء
مَهيب إذا لاقيته عن بديهةٍ = و إما تخالطه فخلق محَبب
{مَهيب} الهيبة الإجلال من هاب من باب تعب اسم الفاعل هائب واسم المفعول مهيب , {إذا لاقيته عن بديهةٍ} بغتة ومفاجئة , { و إما} ما زائدة { تخالطه فخلق محَبب}الخلق بالضم الطبيعة أي وإن تصاحبه صلى الله عليه وسلم فهو صاحب خلق محب
أشَدُّ من العَذْرَا حياءً بِخِدْرِها = كريم السجايا للردى متجنب
{ أشَدُّ من العَذْرَا} البكر سميت بذالك لتعذر وطئها وهما مترادفان لغة وأما شرعا فلا لأن العذراء في الشرع من لم تزل عذرتها بشيء والبكر من لم تزل بكارتها بوطءٍ ولو ازيلة بغيره كوثبة أو تكرر حيض والعذراء أخص من البكر , { حياءً بِخِدْرِها} الخدر ستر يعد للجارية أي بيت في ناحية البيت قلت (أي قال الشيخ بن حم من عند نفسه حفظه الله ) : ويقال لمركب بدليل قول أمرئ القيس : ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة …. فقالت لك الويلات إنك مرجل , فهو خشب تنصب فوق قتب البعير مستورة بثوب
{كريم السجايا} السجية الغريثة , {للردي}اصله الرديء بالهمز وهو المنكر المكروه {متجنب} مباعد
يزول تقلُّعا و يخطُو تكفُّؤا و يمشى الهُويْنَا دائم البشر طيب
{يزول} ينتقل {تقلعا} أي قالعا رجله من الأرض بقوة {ويخطو} يمشى {تكفُّؤا } أي يسرع المشي كأنه يميل بين يديه كما تتكفأ السفينة أي كأنما ينحط من صبب { و يمشى الهُويْنَا} مشي فيه تؤدة ورفق وسكينة ووقار {دائم البشر} طلاقة الوجه {طيب} من اسماءه صلى الله عليه وسلم وهو صفة له أيضا
فدونك من اوصافِهِ الغرِّ جملةً= تضمنها نَظمي بها الدهر أعْذَبُ
{فدونك} اسم فعل أي خذ {من اوصافِهِ} صلى الله عليه وسلم {الغرِّ} جمع اغر وغراء والأغر صبيح الوجه {جملة} أي جماعة من اوصافه الخَلقية والخُلقية {تضمنها نظمي} اشتمل عليها { بها الدهر أعْذَبُ} أي بسبب مطالعتها وفهم معناها اعْذَبُ احلى ويحتمل انه من غير تفضيل بمعنى عَذْب أي حلو
أأحمد هذا أحمد متوسلا= بمدحك والاجواد بالمدح تطلب
{أأحمد} نادى المصطفى صلى الله عليه وسلم بالهمز لقربه منه رضي الله عنه وعمارة باطنه بمحبته ولا يستغرب أيضا كونه مشاهدا له قاله عبد القادر بن محمد سالم {هذا أحمد} يعنى نفسه وهو أحمد زروق {متوسلا} حال وعامله هذا وهو اسم اشارة على حد ((فتلك بيوتهم خاوية)) , { بمدحك والاجواد بالمدح تطلب} الاجواد جمع جواد وهو السخي وفي الحديث (أنا أجود ولد آدم)
مدحتك ياخيرَ الانام و لم تكن= لمدحي فقيرا بل أنا المتكسب
{مدحتك} مدحه كمنع أحسن الثناء عليه { ياخيرَ الانام} وفي نسخة العباد ,{ و لم تكن لمدحي فقيرا} محتاجا لمدح الله تعالى لك في كتابه العزيز قال تعالى: ((وإنك لعلى خلق عظيم)) ,{ بل أنا المتكسب} أي الطالب للعطاء بمدحك والمطر إليه وفي القاموس تكسب طلب الرزق
لئن كنت ممن يحسن المدح ثم لم = أقله وفيك إننى لَمُخيب
{ لئن كنت ممن يحسن} يتقن { المدح ثم لم أقله وفيك} والحال انه مقول فيك { إننى لمخيب} الخيبة الخسر
فمدحك بالنظم المجود حوكه = زكاة علي أهل القصائد تُوجَبُ
{ فمدحك بالنظم المجود} أي المزين {حوكه} أي نسجه {زكاة علي أهل القصائد تُوجَبُ}
تذييل : ميلود ابن المختار حي
عليك صلاة الله ثم سلامه= مع الآل والأصحاب ماذرَّ كوكب
تمت بحمد الله قصيدة (مرآة الوصول في شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم ) للولي العالم سيدي أحمد زروق نفعنا الله ببركته , مع شرح مختصر لها اخذته من تدريس الحبر الفهامة العالم العلامة الشريف الشيخ بن حَمَّ الصعيدي حفظه الله ورعاه , كتبه الفقير إلى الله الغني به عبد الله بن أحمد بن الب كان الله في عونه

شاهد أيضاً

ندوة تحت عنوان “نصرة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم”

نظم المنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرأسه الشريف الإمام الشيخ …

تعليق واحد

  1. جزاكم الله أحسن الجزاء