الجمعة , 19 أبريل 2024

الدرس الثاني , ألفية بن مالك

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريمimages

شرح نص الألفية مع نص الإحمرار

الكلام وما يتألف منه
كلامنا لفظ مفيد كاستقم … واسم وفعل ثم حرف الكلم
واحده كلمة والقول عم … وكلمة بها كلام قد يؤم
قوله باب الكلام وما يتالف منه, اي :هذا باب شرح الكلام وشرح ما يتالف منه, قوله كلامنا لفظ مفيد إلى آخر البيتين يعني أن الكلام -في اصطلاح النحويين- عبارة عما اجتمع فيه أمران: اللفظ، والإفادة.
والمراد باللفظ الصوت المشتمل على بعض الحروف، تحقيقا أو تقديرا والمراد بالمفيد: ما دل على معنى يحسن السكوت عليه كـ”استقم
وأقل ما يتألف الكلام من اسمين: كـزيد قائم ومن فعل و اسم، كـقام زيد ومنه استقم. قوله واسم وفعل ثم حرف الكلم واحده كلمة يعني أن الكلم : واحده كلمة وهي إما اسم وإما فعل وإما حرف لأنها إن دلت على معنى في نفسها غير مقترنة بزمان فهي الاسم وإن اقترنت بزمان فهي الفعل وإن لم تدل على معنى في نفسها بل في غيرها فهي الحرف.
فالكلم: ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر كقولك: إن قام زيد.
والكلمة: هي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد فقولنا : الموضوع لمعنى أخرج المهمل كديز مقلوب زيد، وقولنا : مفرد أخرج الكلام فإنه موضوع لمعنى غير مفرد
ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن القول يعم الجميع والمراد أنه يقع على الكلام أنه قول ويقع أيضا على الكلم والكلمة أنه قول فهو عبارة عن: اللفظ الدالِّ على معنى ما على الأصح
أما قوله وكلمة بها كلام قد يؤم يعني أن الكلمة قد يقصد بها الكلام في اللغة مجازا كقوله صلى الله عليه وسلم”أصدق كلمة
قالها شاعر، كلمة لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل…”.وقولهم : لا إله إلا الله كلمة الإخلاص, و صوب ابن غازي هذا البيت فقال:
واحده كلمة وقد يؤم = بها كلام لغة والقول عم
ولما عرف الكلام والكلم والكلمة والقول وأن الكلمة منحصرة في الاسم والفعل والحرف شرع يميز بين الثلاثة بذكر علاماتها وبدا بعلامات الاسم فقال:
بالجر والتنوين و الندا وأل … ومسند للاسم تمييز حصل
يعني أن من هذه العلامات الجر: وهو يشمل الجر بالحرف والإضافة والتبعية نحو مررت بغلام زيد الفاضل, فالغلام مجرور بالحرف , وزيد مجرور بالإضافة , والفاضل مجرور بالتبعية واجتمعت في البسملة
ومنها التنوين وهو نون ساكنة تلحق آخر الكلمة في اللفظ ولا تكتب، لغير التوكيد , فخرجت نون ضيفن لأنها غير ساكنة وخرجت نون انكسر لأنها ليست آخرا وخرجت نون لَنَسْفَعًا لأنها للتوكيد
وأنواع التنوين أربعة: أحدها: تنوين التمكين كزيد ورجل، وفائدته الدلالة على خفة الاسم وتمكنه في باب الاسمية؛ لِكونه لم يشبه الحرف فيبنى، ولا الفعل فيُمنَع من الصرف الثاني: تنوين التنكير، وهو: اللاحق لبعض المبنيات للدلالة على التنكير تقول: سيبويه إذا أردت شخصا معينا اسمه ذلك، وإيه إذا استزدت مخاطبك من حديث معين، فإذا أردت شخصا ما اسمه سيبويه أو استزادة من حديث ما نونتهما الثالث: تنوين المقابلة، وهو: اللاحق لنحو مسلمات جعلوه في مقابلة النون في نحو مسلمين الرابع: تنوين التعويض وهو: اللاحق لنحو غواشٍ وجوارٍ عوضا عن الياء ولإذ في نحو: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون} عوضا عن الجملة التي تضاف “إذ” إليه وهذه الأنواع الأربعة مختصة بالاسم
ومنها النداء والمراد به كون الكلمة مناداة، نحو: يا أيها الرجل
ومنها أل : اي المعرفة والزائدة كالفرس والغلام لا الموصولة و الاستفهامية فأما الموصولة فقد تدخل على المضارع، كقوله:
ما أنت بالحكم التُرْضَى حُكُومتُهُ
وأما الاستفامية فإنها تدخل على الماضي، نحو: أل فعلت بمعنى هل فعلت
ومنها الإسناد إليه وهو: أن تنسب إليه ما تحصل به الفائدة وذلك كما في قمت وأنا في قولك أنا مؤمن أي: الإخبار عنه بشيء ، وجعله متحدثا عنه؛ لأنه لا يتحدث إلا عن الاسم. وبهذه العلامة دل على اسمية الضمائر ونحوها.
معنى البيت حصل للاسم تمييز عن الفعل والحرف بالجر والتنوين والنداء والألف واللام والإسناد إليه أي الإخبار عنه.وقد استعمل المصنف أل”مكان الالف واللام وقد وقع من بعض المتقدمين وهو الخليل واستعمل المصنف مسند مكان الإسناد إليه
فصل في تمييز الاسم بينه ولما فرغ من علامات الاسم شرع يبين ما وضع له فقال
وهو لعين أو لمعنى وهو في = حاليه وصفا وسمى أيضا يفي
يعني أن مدلول الاسم قسمان عين ومعنى فالعين ما يقوم بنفسه والمعنى ما يقوم بغيره والكل من العين والمعنى إما اسم وإما وصف فالأقسام أربعة , الاول نحو رجل والثاني كعالم والثالث كعلم والرابع كجلي وقد صوب بعضهم هذا البيت:للعين والمعنى ووصف لهما=ينقسم الاسم انقساما علما
ولاحاجة له فقد نظم في البيت عبارة التسهيل وهي وهو لعين ومعنى اسما أو وصفا فالاسم المقسم هو قسيم الفعل والحرف وقوله اسما قسيم الوصف هذا مرادهما رحمهما الله
ثم ذكر لغات الاسم وفيه عشر لغات منقولة عن العرب :اسم وسم سمًا مثلثة والعاشرة سماة قال
وثلث الهمزة واحذف واقصرا=مثلث السين سماة اذكرا
قوله احذف أي من غير قصر قوله واقصر أي مع الحذف.
طرة الأبيات مع بعض التعليقات الخفيفة عليها
الكلام وما يتألف منه وهو لغة القول وما كان مكتفيا بنفسه كالخط و الاشارة وما يفهم حال الشيء وحديث النفس كقول عائشة رضي الله عنها: ما بين دفتي المصحف كلام الله وقوله:
إذا كلمتني بالعيون الفواتر=رددت عليها بالدموع البوادر,
وقوله:إن الكلام لفي الفؤاد وإنما=جعل اللسان عى الفؤاد دليلا
قوله: وما كان مكتفيا بنفسه صوابه وما كان مكتفى به قوله وما يفهم حال الشيء كقوله تعالى :{أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} ,
وقوله :
أشارتنا للهو رمز عيوننا=وكل لبيب بالإشارة يفهم,
حواجبنا تقضي الحوائج بيننا=ونحن سكوت والهوى يتكلم.
وقوله: يا دار عبلة بالجواء تكلمي=وعمي صباحا دار عبلة واسلمي.
وكالحل والعقد والنصب ج نصبة لما وسط الطريق قولها :ما بين دفتي المصحف , القاموس : الدَّفُّ بالفتح : الجَنْبُ من كُلِّ شيءٍ أو صَفْحَتُهُ كالدَّفَّةِ… ودَفّتا المُصْحَفِ : ضِمامَتَاهُ
واصطلاحا ما أشار إليه بقوله:
كلامنا لفظ مفيد كاستقم = واسم وفعل ثم حرف الكلم
كلامنا أي معشر النحاة لفظ وهو لغة الرمي والترك يقال لفظت الرحى الدقيق إذا رمت به من داخل إلى خارج ولفظت الدابة الحشيش إذا تركته
قال:عشية مالي حيلى غير أنني = بلفظ الحصى والخط بالرمل مولع, واصطلاحا:صوت من فم مشتمل على بعض الحروف الهجائية تحقيقا أو تقديرا,
قوله تحقيقا أو تقديرا صوابه تحقيقا فقط كزيد أ وتحقيقا وتقديرا كاستقم لأن الحروف المقدرة لابد لها من حروف محققة حتى تقدر
مفيد فائدة يحسن السكوت عليها بحيث لا يصير السامع منتظرا شيئا آخر وأقل ما يتألف منه اسمان حقيقة كهيهات العقيق أو حكما كزيد قائم اومن اسم وفعل كاستقم وقام زيد ,واسم وفعل ثم حرف جاء لمعنى الكلم الذي يتألف منه الكلام ,واحده كلمة,قوله يحسن السكوت عليه من المتكلم أو السامع أوهما قال:
مرادنا سكوت من تكلما=وقيل سامع وقيل بل هما,
والقول على الاصح عبارة عن اللفظ الدال على معنى ما فهو أعم من الكلام والكلم والكلمة عموما مطلقا لا عموما من وجه لاشتراكه مع كل في مدلوله واختصاصه بنحو غلام زيد ,وكلمة بها كلام قد يؤم كثيرا في اللغة مجازا نحو{كلا إنها كلمة هو قائلها}إشارة لقوله{رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت} وقوله عليه الصلاة والسلام أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد ألا كل شيء ماخلا الله باطل=وكل نعيم لا محالة زائل وقولهم لا إله إلا الله كلمة الإخلاص
قوله عموما مطلقا الخ العموم المطلق أحد النسب الأربع التي يتعقل بها بين كل شيئين وهي التساوي نحو: انسان وبشر والعموم والخصوص من وجه نحو : انسان وابيض والعموم المطلق نحو إنسان وحيوان والتباين نحو انسان وحجر.
بالجر والمراد به الكسرة التي يحدثها عامل الجر أو نائبها لا دخول حرف الجر لأنه قد يدخل في اللفظ على ما ليس باسم كعجبت من أن قمت, وكتبت إليه بأن قم , والتنوين وهو في الأصل مصدر نونت الكلمة إذا أدخلتها نونا , واصطلاحا نون ساكنة تلحق الأواخر لفظا لا خطا لغير توكيد وأنواعه أربعة تنوين التمكين كزيد وتنوين التنكير كصه وتنوين العوض كجوار وتنوين المقابلة كمسلمات . و الندا والمراد به كون الكلمة مناداة لا دخول حرف النداء لأنه يدخل في اللفظ على ماليس باسم كيا ليت ويا رب ويا حبذا . وأل غير الموصولة والاستفهامية. ومسند إليه لفظا أومعنى كضرب فعل ماض ومن حرف جر وأنا مؤمن. وبموافقته ثابت الاسمية لفظا كوشكان , أو معنى دون معارض كالواو في قولك سرت والنيل فإنه بمعنى مع لكن لم يعدم المعارض لأنه موضوع على حرف واحد,
قوله عامل الجر عوامل الجر ستة:ثلاثة قياسية وهي الجر بالحرف والإضافة والتبعية وسيفرد الناظم لكل بابا وثلاثة سماعية لا يقاس عليها وهي الجر بالمجاورة كقول امرئ القيس: كأن أبانا في أفانين ودقه=كبير أناس في بجاد مزمل والجر بالتوهم كقول الشاعر :بدا لي أني لست مدرك ما مضى=ولا سابقي شيء إذا كان جائيا ,توهم أنه خبر ليس وتوهم التوهم كقوله:
أجدك لن ترى بثعيلبات = ولا بيداء ناجية ذمولا
ولا مدارك والليل طفل = ببعض نواشغ الوادي حمولا,
توهم أنه قال أجدك لست براء فجر., وستاتي إن شاء الله.
أو نائبها أي نائب الكسرة في الجر وهو الياء في الاسماء الخمسة , والمثنى, والجمع المذكر السالم , والفتحة فيما لا ينصرف , قوله لأنه قد يدخل في اللفظ أي : لا في المعنى: كعجبت من أن قمت أي من قيامك ,وكتبت إليه بأن قم, أي بقيامه ,قوله وأنواعه اربعة أي التنوين الخاص بالأسماء وإلا فأقسام التنوين تسعة :الأربعة, وتنوين الترنم ,والضرورة, والتغالي ,والحكاية ,والهمز, قال بن مالك :
أنواع تنوينهم تسع عليك بها=فإن تحصيلها من خير ما حرزا
مكن وقابل وعوض والمنكر زد=ورنم اضطر غال واحك ما همزا,
قوله أل أي المعرفة والزائدة وسيفرد لها بابا. وبقي على الناظم علامات ذكر بعضها في الطرة نظمها احمد بن كداه بقوله:ويعرف الاسم بعود مضمر=له كما أجمل أم معمر
كذا إذا أبدل منه اسم صريح=ككيف أنت أسقيم أم صحيح
كذاك الاخبار به إن باشرا=فعلا ككيف كان سير من سرى
كذاك أيضا أن تكون زنته=قد وافقت ما ثبتت اسميته
كذاك إن وافقه في المعنى=من غير ما معارض قد عنا
فقد بمعنى حسب جا وشكانا =كمثل سكران أتى وزانا
وعكس الاسناد و وضع الأحرف=عارض بذين  واو مع ومن تفي.
فصل في تمييز الاسم بينه:{وهو لعين أو لمعنى وهو في حاليه} كضرب زيد العاقل ضربا شديدا {وصفا وسمى} ويحتملهما شيء حسن {أيضا يفي}
وثلث الهمزة واحذف} من غير قصر. {واقصرا} مع الحذف. {مثلث السين} فيهما. {سماة اذكرا .

اعداد الأستاذ : محمد عال بن أمد بن أحمدُّ

شاهد أيضاً

الدرس الحادي والخمسون | ألفية ابن مالك مع احمرار المختار بن بونا الجكني.

الدرس الحادي والخمسون من سلسلة دروس ألفية ابن مالك مع احمرار المختار بن بونا الجكني. …

تعليق واحد

  1. د محمد يحيى ولد الشيخ جار الله مكة المكرمة

    حفظكم الله ووفقكم