السبت , 20 أبريل 2024

الدرس السادس ، ألفية ابن مالك

إعداد الأستاذ : محمد عال بن امد بن أحمدُّimages
الله المستعان
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
ومُعْرَبُ الأَسْمَاءِ مَا قَدْ سَلِمَا = مِنْ شَبَهِ الْحَرْفِ كَأَرْضٍ وَسَمَا
يريد أن المعرب خلاف المبني وقد تقدم أن المبني ما أشبه الحرف.
فالمعرب: ما لم يشبه الحرف وينقسم إلى صحيح وهو ما ليس آخره حرف علة كأرض ، وإلى معتل وهو ما آخره حرف علة كسما وسما لغة في الاسم وفيه ست لغات اسم بضم الهمزة وكسرها وسم بضم السين وكسرها وسما بضم السين وكسرها أيضا.
و ينقسم المعرب أيضا إلى متمكن أمكن وهو المنصرف كزيد وعمرو ، وإلى متمكن غير أمكن وهو غير المنصرف نحو أحمد ومساجد ومصابيح ، فغير المتمكن هو المبني والمتمكن هو المعرب وهو قسمان متمكن أمكن ومتمكن غير أمكن.
و لما فرغ من بيان المعرب والمبني من الأسماء شرع في بيان المعرب والمبني من الأفعال، ومذهب البصريين أن الإعراب أصل في الأسماء فرع في الأفعال، فالأصل في الأفعال البناء عندهم وذهب الكوفيون إلى أن الإعراب أصل في الأسماء وفي الأفعال والأول هو الصحيح. قال
وفعل أمر ومضي بنيا = وأعربوا مضارعا إن عريا
من نون توكيد مباشر ومن نون إناث كيرعن من فتن
فالمبني من الأفعال ضربان: أحدهما الماضي وقد اتفقوا على بنائه وهو مبني على الفتح نحو ضرب وانطلق، ما لم يتصل به واو جمع فيضم أو ضمير رفع متحرك فيسكن كقرأت.
والثاني: فعل الأمر وقد اختلف في بنائه نحو اضرب وهو مبني عند البصريين ومعرب عند الكوفيين .
والمعرب من الأفعال هو المضارع ولا يعرب إلا إذا لم تتصل به نون التوكيد أو نون الإناث، فمثال نون التوكيد المباشرة :هل تضربن ، والفعل معها مبني على الفتح ، ولا فرق في ذلك بين الخفيفة والثقيلة فإن لم تتصل به لم يبن وذلك كما إذا فصل بينه وبينها ألف اثنين نحو هل تضربان وأصله هل تضربانن فاجتمعت ثلاث نونات فحذفت الأولى وهى نون الرفع كراهة توالي الأمثال فصار هل تضربان ، وكذلك يعرب الفعل المضارع إذا فصل بينه وبين نون التوكيد واو جمع أو ياء مخاطبة نحو هل تضربن يا زيدون، وهل تضربن يا هند، وأصل تضربن تضربونن، فحذفت النون الأولى لتوالي الأمثال كما سبق فصار تضربون فحذفت الواو لالتقاء الساكنين فصار تضربن وكذلك تضربِن أصله تضربينن ففعل به ما فعل بتضربونن.
وهذا هو المراد بقوله وأعربوا مضارعا إن عريا من نون توكيد مباشر فشرط في إعرابه أن يعرى من ذلك ومفهومه أنه إذا لم يعر منه يكون مبنيا فعلم أن مذهبه أن الفعل المضارع لا يبنى إلا إذا باشرته نون التوكيد نحو هل تضربن يا زيد فإن لم تباشره أعرب وهذا هو مذهب الجمهور
وكل حرف مستحق للبنا = و الأصل في المبني أن يسكنا
ومنه ذو فتح وذو كسر وضم = كأين أمس حيث والساكن كم
يعني أن الحروف مستحقة للبناء ومتصفة به إجماعا لأن الحروف لا تتصرف ولا يتعاقب عليها من المعاني ما تحتاج معه للإعراب. والأصل في البناء أن يكون على السكون لأنه أخف من الحركة ، ولا يحرك المبني إلا لسبب كالتخلص من التقاء الساكنين ، وقد تكون الحركة فتحة كأين وقام وإنّ ، وقد تكون كسرة كأمس وجير، وقد تكون ضمة كحيث وهو اسم، ومنذ وهو حرف إذا جررت به، وأما السكون فنحو كم واضرب وأجل كما أشار إليه في قوله ومنه ذو فتح الخ
ولما تبين أن الاصل في المبني السكون ومنه ما حرك لعارض شرع بن بونه في ذكر العوارض، وهي: كون المبني على حرف واحد كبعض المضمرات والحروف التي على حرف واحد كباء الجر، والتقاء الساكنين مثل أمس، وشبهه بالمعرب كالماضي فإنه حرك لشبهه للمضارع في وقوع كل منهما صلة وخبرا وصفة، وتمكنه في باب الاسمية كأول، ولما ذكر علل التحريك إجمالا شرع في علل الحركات فذكر ان فتحه لخفة الفتح على اللسان كضرب ، و للأصل كيا مضارَ ترخيم مضارر اسم مفعول إذا جعل اسما ، ويفتح للفرق بين المعنيين بأداة واحدة كتاء الخطاب ويا لزيد لعمر، وللإتباع كأين وسوف، ويكسر للأصل، و للفرق بين المعنيين بأداة واحدة، وللإتباع كذلك كيا مضارِ اسم فاعل ، وضمير المخاطبة ، و كذِهِ ، ويكسر للحمل على المقابل كلام الأمر كسرت حملا على لام الجر لأنها في الفعل نظيرتها في الاسم وللاتقاء الساكنين كأمس ، و لتناسب العمل كباء الجر . ويضم للثلاث الأُول كيا تحاجُ ترخيم تحاجُج مصدر تحاج إذا جعل اسما، وكتاء الفاعل، و كمنذ، ويضم لمخالفة المعرب كقبلُ وبعدُ أي من جهة أنها إذا نكرت أو أضيفت أعربت، ويضم المبني للدلالة على الجمع كنحن لكونها في الكلمة كالواو أي في كون كل يكون علامة رفع، ومن واد واحد ، قال
حرك من أجل وحدة والساكن= والشبه الـــمـبـنيَّ والتمكن
وافتح لخفة وللأصل كذا= فرق وإتباع فراع المأخذا
واكسر لذي الثلاث واضمم واكسرا=للحمل والساكن من حيث يرى
تناسب واضمم لخلف المعرب =وكونه كالواو فاعلم تصب
ويعلم من الامثلة السابقة أن البناء على الكسر والضم لا يكون في الفعل بل في الاسم والحرف وأن البناء على الفتح أو السكون يكون في الاسم والفعل والحرف وأن ألقاب البناء ضم وفتح وكسر وسكون، ويسمى أيضًا وقفًا
طرر الأبيات وتعليقات عليها
(ومعرب الأسماء هو ما قد سلما من شبه الحرف )أي الشبه المذكور وهو على قسمين: صحيح يظهر إعرابه كأرض وزيد ومعتل يقدر إعرابه نحو: فتى وسما.
(وفعل أمر ومضي بنيا )على الأصل، فالأول على ما يجزم به مضارعه من سكون أو حذف، خلافا لمن جزمه بلام الأمر محذوفة، فتبعها حرف المضارعة، بدليل ظهورها في قوله
لتقم أنت يا ابن خير قريش =كي لــتقضي حوائج المسلمين
والثاني على الفتح لخفته ما لم يتصل به واو جمع فيضم، أو ضمير رفع متحرك فيسكن، لكراهتهم توالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة. (وأعربوا مضارعا) حملا على الاسم لمشابهته إياه في الإبهام ، و التخصيص، وقبول لام الابتداء، والجريان على لفظ اسم الفاعل. (إن عريا من نون توكيد مباشر) بأن لم تتصل به أصلا كتقوم، أو اتصلت به ولم تباشره لفظا نحو: لتبلون، أو تقديرا نحو: ولا يصدنك. (ومن نون إناث) وإلا بني لضعف الشبه، لما عارضه مما هو من خصائص الأفعال، فمع الأول على الفتح نحو: لتجدن، ومع الثانية على السكون ، كـقولك النساء (يرعن من فتن) بحبهن في الدنيا.
(و كل حرف مستحق للبنا )ومتصف به إجماعا ، لأن الحروف لا تتصرف ، ولا يتعاقب عليها من المعاني ما تحتاج معه إلى الإعراب. والبناء لغة: وضع الشيء على الشيء على صورة يراد بها الثبوت والدوام. واصطلاحا: لزوم آخر الكلمة حالة واحدة لغير عامل، ولا اعتلال على القول بأنه معنوي، وعلى القول بأنه لفظي: ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب، وليس حكاية، ولا نقلا، ولا إتباعا، ولا تخلصا من سكونين، ولا مناسبة. وألقابه أربعة: فتح، وضم، وكسر، وسكون. (والأصل في المبني) اسما كان أو فعلا (أن يسكنا) لخفته، وثقل الحركة، والمبني ثقيل، ولو حرك لاجتمع ثقيلان.
(و منه )ما حرك لعارض اقتضى تحريكه، فالمحرك إما (ذو فتح و) إما (ذو كسر و) إما ذو (ضم) فأما الفتح ففي الثلاث لكونه أخف الحركات، وأقربها إلى السكون. (كأين) وقام وسوف، وأما الكسر والضم فلثقلهما وثقل الفعل لم يدخلا فيه، ودخلا في الاسم و الحرف كـ(ـأمسِ) وجيرِ (حيثُ) و مذُ، (والساكن) الآتي على الأصل في الكلم الثلاث نحو: (كم) وقل وبل.
(حرك من أجل وحدة) كبعض المضمرات والحروف، (و)لأجل التقاء (الساكن) مع آخره كأمس،(والشبه) بالمعرب كالماضي فإنه أشبه المضارع في وقوعه صلة وصفة وخبرا وحالا وشرطا وجوابه. (المبني و) أن يكون له أصل في (التمكن) في باب الاسمية كأول وعل.
(وافتح لخفة) كضرب (وللأصل) كيا مضار ترخيم مضارر اسم مفعول إذا جعل اسما. (كذا فرق) بين معنيين بأداة واحدة كيا لَزَيد لِعَمر،و كتاء المخاطب. (وإتباع) كأين وسوف وكيف (فراع المأخذا)
(واكسر لذي الثلاث) كيا مضارِ اسم فاعل، وكضمير المخاطبة، وكذه وته. (واضمم) لهن كيا تحاجُ ترخيم تحاجُجٍ مصدر تحاج إذا جعل اسما، وكتاء الفاعل وكمنذ (واكسرا للحمل) على المقابل كلام الأمر كسرت حملا على لام الجر لأنها في الفعل نظيرتها في الاسم. (و)لأجل تمام التخلص من التقاء (الساكن) مع آخر كأمس وقم الليل. (من حيث يرى) إن أمكن تحريكه سواء تقدم الساكن أو تأخر.(تناسب) للعمل، أو في اللفظ. (واضمم لخلف المعرب) كقبل وبعد، ويحمل عليهما حيث. (وكونه كالواو) في الدلالة على الجمعية كنحن. (فاعلم تصب)
التعليق:
قوله: وكونه كالواو فاعلم تصب
حاصله أن نحن ضمير لجماعة الحاضرين و همو ضمير لجماعة الغائبين فهما نظيرتان فلما بنوا نحن على حركة لالتقاء الساكنين اختاروا الضمة لتناسب الواو في نظيرتها ولما كانت نحن لعدد أقله اثنان و همو لعدد أقله ثلاثة كانت همو أقوى فاستحقت واوها أن تكون أصلًا يحمل عليه

 

شاهد أيضاً

الدرس الحادي والخمسون | ألفية ابن مالك مع احمرار المختار بن بونا الجكني.

الدرس الحادي والخمسون من سلسلة دروس ألفية ابن مالك مع احمرار المختار بن بونا الجكني. …