الخميس , 28 مارس 2024

الدرس الحادي والأربعون | مختصر الشيخ خليل .

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم مختصر الشيخ خليل

درسنا اليوم هو الدرس الحادي والأربعون: من سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل :

{وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ ، وَضَغْثُ مَضْفُورِهِ لَا نَقْضُهُ ، وَدَلْكٌ وَلَوْ بَعْدَ الْمَاءِ أَوْ بِخِرْقَةٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ سَقَطَ . وَسُنَنُهُ : غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا ، وَصِمَاخُ أُذُنَيْهِ ، وَمَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ ، وَاسْتِنْثَارٌ . وَنُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى ، ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ كَامِلَةً مَرَّةً ، وَأَعْلَاهُ وَمَيَامِينِهِ ، وَتَثْلِيثُ رَأْسِهِ ، وَقِلَّةُ الْمَاءِ بِلَا حَدٍّ ، كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ لِعَوْدِهِ لِجِمَاعٍ وَوُضُوئِهِ لِنَوْمٍ ، لَا تَيَمُّمٍ وَلَمْ يَبْطُلْ إلَّا بِجِمَاعٍ .}

————————————–

{وَتَـخْـلِـيلُ شَعْرٍ} من قرن إلى قدم ، كثيفا أو خفيفا ، برأس أو لحية أوغيرهما {وَضَغْثُ مَضْفُورِهِ} أي جمعه وضمه وتحريكه ليدخله الماء ، والرجل والمرأة في ذلك وفي جواز الضفر سواء كما تقدم ، ما لم يكن ضفرا لرجل على طريقة ضفر النساء في الزينة والتشبه بهن فلا أظن أحدا يقول بجوازه . {لاَنَقْضُهُ} إن كان مرخى يدخله الماء بسهولة .

(تنبيه) : في بن وغيره : أن العروس التي تزين شعرها ليس عليها غسل رأسها لما في ذلك من إتلاف المال ويكفيها المسح عليه. وفي الحطاب عند قول المصنف في الوضوء :  “ولا ينقض ضفره رجل أو امرأة” : أنها تتيمم إذا كان الطيب في جسدها كله لأن إزالته من إضاعة المال . وقال أبو الحسن في قول المدونة : “ولا تنقض المرأة شعرها المضفور ولكن تضغثه بيدها” ما نصه : ظاهره وإن كانت عروسا ، وفي شرح ابن بطال عن بعض التابعين أن العروس ليس عليها غسل رأسها لما في ذلك من إفساد المال وإنما تمسح عليه ، وقال الوانوغي : ما ذكره ابن بطال من الترخيص للعروس لا يبعد كل البعد وفي فروعنا ما يشهد له ونقله ابن غازي في تكميل التقييد وسلمه وكذا نقل ابن ناجي عن أبي عمران أن العروس لا تغسل شعرها بل تمسح عليه. اهـ من الدسوقي.

قال بعضهم:

إذ العروس ازينت بطيب == يعم كل الجسد الرطيب

تيممت سبعا لصون ما بـ==ـجسدها فانظره في الحطاب

لكنه ضعفه جدا وإن==يخص رأسها فبالمسح قمن

{وَدَلْكٌ} لجميع بدنه بيد أو ذراع، ويتابع ما غار منه ، وهو واجب لنفسه لا لإيصال الماء للبشرة ، ولا يشترط مقارنته للماء بل يجزئ{وَلَوْ بَعْدَ}صب {الْمَاءِ} وانفصاله ما لم يجف الجسد ، خلافا للقابسي فإنه يشترط المقارنة {أَوْ} أي ولو كان الدلك {بِخِرْقَةٍ} أو عصا أو حائط له أو لغيره إن لم يضره ، ولو مع القدرة على الدلك باليد على المعتمد {أَوْ اسْتِنَابَةٍ} لكن عند عدم القدرة باليد أو الخرقة ، فإن وكل لغير ضرورة فالمشهور : أنه فعل فعلا حراما ويجزئه ، وقيل : لا يجزئ، ، وعليه قول ناظم المقدمات:

والدلك لا يصح بالتوكيل == إلا لذي آفة أو عليل

ومن تكن قصيرة يداه == فالدلك بالمنديل أو سواه

والمعتمد أنه يكفى صب الماء فقط ، قال عبد القادر ابن محمد سالم :

الدلك باستنابة أو خرقة == أوجبه الشيخ أبو المودَّة

مستظهرًا لقول سحنون العلم == وابن حبيب بسقوطه جزم

وقال صب الماء فيه كافي == وقوله شهره القرافي

ومثله العلامة الرهوني == كذلك الدرديرُ شمس الدين

وهكذا إمامنا ابن عرفهْ == كذا زعيم الفقهاء فاعرفه

والعدوي ذكر ما يفيد == رجحانه وقوله مفيد

زعيم الفقهاء : هو ابن رشد .

{وَإنْ تَعذَّرَ} الدلك بما ذكر من اليد والخرقة والاستنابة {سَقَطَ.} ويُكْثِرُ صب الماء عليه.

قال محمد بن أحمد يورَ :

وما من الجثمان تقصر اليد == عنه فترك دلكه مؤيد

فاصبب عليه مطلق الماء فقط == فالشيء كلما تعذر سقط

وقال آخر :

وصب ما بقوة يقوم == مقام دلكه كمن يعوم

{وَسُنَنُهُ : غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلاً،} أي قبل إدخالهما في الإناء ، أو قبل إزالة الأذى ، فالابتداء هنا حقيقي ، وفي قوله : “وندب بدء بإزالة الأذى ” إضافي ، واعلم بأن الحكم بالسنية يتوقف على الأولية، وإن كان غسلهما واجبا ، لوجوب تعميم الجسد بالماء ، ويغسلهما ثلاثا. {وَصِمَاخُ} بكسر الصاد وهو مرفوع بالعطف على “غسل” على حذف مضاف ، وكان الأولى التصريح به ، وتقديره : ومسح صماخ أي ثقب {أُذُنَـيْهِ} لا غسله لأنه مضر، وما عدى الصماخ منهما يجب غسله ، بأن يكفئ أذنه على كفه مملوءة بالماء ثم يدلكها ، ولا يصب الماء فيها لما فيه من الضرر . {وَمَضْمَضَةٌ، وَاسْتِنْشَاقٌ، وَاسْتِنْثَارٌ } مرة في الجميع ، وفي بعض النسخ حذف “الاستنثار” لاستلزام الاستنشاق له ، والأصح أنهما سنتان لا واحدة.

{وَنُدِبَ بَدْءٌ} بعد غسل يديه أولا لكوعيه{بِإِزَالَةِ الأَذَى،} أي النجاسة ليقع غسل الجنابة في محل طاهر،

وفي الجزولي الكبير : واختلف إذا غسل مواضع الأذى بنية الجنابة وزوال النجاسة غسلا واحدا ، فالمشهور أنه يجزئه ولو شرك بينهما ، المازري : وقيل لا يجزئ .انتهى من الحطاب.

 {ثُمَّ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ كَامِلَةً} فلا يؤخر رجليه لآخر غسله ويجوز التأخير ، بل قال الدسوقي : أن الراجح ندب تأخير غسل الرجلين بعد فراغ الغسل {مَرَّةً} لأنهما من الغسل ولا فضيلة في تكراره ، ولكن المعتمد التليث فيها . انظر الدسوقي

وقال شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ –حفظه الله ورعاه- :

نصُّ المصنف مع الشراح == على وضوء الغسل ذاك صاحِ

يختص بالواجب دون مين == لا غيرُ كالجمعة والعيدين

فكل هؤلاء الاغتسال == فيه الوضو لا بد منه قالوا

ونية الوضو وتثليث كذا == تقديم رجليه على ما يحتذي

لأن تأخيرهما إخلالُ == أي بالموالاة كذاك قالوا

والخلف في غسل الجنابة هنا == ليس بداخل وذا بادي السنا

وعزوُ ما ذكرت للإمام == گنون ذي العلوم والإحكام

{وَ}من المندوبات تقديم {أَعْلاَهُ} إلى ركبتيه ، بميامنه ومياسره {وَ} تقديم {مَيَامِينِهِ} من أعلاه وأسفله على مياسره منهما ، والضمير الذي في “أعلاه” و”ميامينه” راجع للمغتسل ، فالأعلى كله مقدم على الأسفل كله ، وميامين كل منهما تقدم على مياسيره ، وندب تقديم الظهر على الصدر والبطن وقيل بالعكس.

قال شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ -حفظه الله ورعاه- :

تقديم أعلا أيمن وأسفل == على المياسر لدى المغتسل

طريقة لأحمد الزرقاني == كذاك زروق بلا بهتان

لكنما الحطاب قد أنارا == طريقة لها الكفاف اختارا

 وفيما يلي طريقة الغسل التى اختار الحطاب نقلناها لكم من شرحه : (وأما صفة الكمال فهو أن يجلس في موضع طاهر ، ثم يغسل يديه ، ثم يزيل الأذى إن كان عليه ، ثم ينوي رفع حدث الجنابة ، ثم يغسل السبيلين وما والاهما ، ثم يتوضأ وينوي بوضوئه رفع الحدث الأكبر ، فإذا أكمل وضوئه غمس يديه في الماء وخلل بهما شعر رأسه ، ثم يغرف عليه ثلاث غرفات حتى يوعب غسله ، ثم يضغثه بيديه ، ثم ينقل الماء إلى أذنيه يغسل ظاهرهما وباطنهما ، ثم ما تحت ذقنه وعنقه وعضديه ، ثم ما تحت إبطيه ويخلل عمق سرته بأصبعه ، ثم يخلو الماء على ظهره ويجمع يديه خلفه في التدلك ، ثم يغسل الجانب الأيمن ، ثم الأيسر ، ثم ما تحت الركبتين ، ثم الساق اليمنى ، ثم الساق اليسرى ، ثم يغسل رجليه .

قال محمد مولود في الكفاف :

ويُتْبعُ السُّنَنَ غسلَ مخرجيهْ == فوجهَهُ ثم يديْ لمرفقيه

مثلثا كلا فرأسا يغسل == ثلاثا أيضا بعدما يخلل

فالأذنَ فالجيدَ فتحتَ الذَّقَن == فعضديه مع جنب أيمن

لركبة فالجنبَ الايسر لها == فساقه اليمنى فإن جا رجلها

رجع لليسرى وبالرجلين == فعل ما فعل بالساقين

( تنبيه ) : إذا حصل إيصال الماء لجميع الجسد مع الدلك فقد تم الغسل ، سواء بالطريقة المندوبة التي ذكرنا أو بغيرها .

{وَتَثْلِـيثُ رَأْسِهِ،} أي غسله ثلاث مرات، وقيل يفرق الثلاث فلكل شق غرفة والثالثة للوسط.

( فائدة ) : يندب تخليل الشعر قبل غسله ، يدخل يديه في الماء ويرفعهما غير قابض بهما شيئا منه ، فيخلل بهما أصول شعره ليأنس ببرد الماء فلا يتضرر ، ويقف الشعر فيدخل الماء عند الغسل لأصوله ، ويبدأ في ذلك من مؤخر الجمجمة لأنه يمنع من الزكام والنزلة وهو صحيح مجرب  .

 {وَقِلَّةُ الـمَاءِ بِلاَ حَدٍّ} بصاع كما مر ، ومنع السرف، وذكر الحطاب أنه يغتفر للموسوس. {كَغَسْلِ فَرْجِ}رجل {جُنُبٍ لِعَوْدِهِ لِجِمَاعٍ} مرة أخرى للتي جامعها أو غيرها لما فيه من إزالة النجاسة وتقوية العضو ، وقيل أن عاد لغيرها يجب غسله. وأتى المصنف بالكاف لتغير الأسلوب لأن هذا ليس من مناديب الغسل.

 {وَوُضُوئِهِ}أي الجنب ذكرا أو أنثى{لِنَوْمٍ،} أي لأجل نومه على طهارة ولو نهارا ، وكذا يندب النوم على طهارة لغير الجنب ، وقيل إنما ندب الوضوء للجنب لينشط للغسل {لاَ تَـيَـمُّـمٍ} أي لا يندب له عند عدم الماء ، ولا عند العجز عن استعماله على الأصح .{وَلَـمْ يَبْطُلْ} هذا الوضوء بشيء من مبطلاته {إِلاَّ بِجِمَاعٍ}

يا سائلا عن وضوء ليس يبطله == إلا الجماع: وضوء النوم للجنب

وأما وضوء غير الجنب فينقض بكل ناقض، قبل اضطجاعه اتفاقا وبعده على الأصح خلافا لأبي عمران.

قال بعضهم:

أبطل وضوء من أراد النوما == بوطئه حقيقة أو حكما

كمثل الإنزال عن المباشرهْ == ونحوها ذا العدوي ذكره

وذاك في الجنب والغير بطل == وضوءه بكل ناقض حصل

قبل اضجاعه اتفاقا وكذا == من بعده على الصحيح المحتذى

وابن أبي عمران قال الحدث== من بعده وضوءه لا ينكث

وكتب العبد الفقير إلى الله الغني به : عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه ووالديه ، و رحم الله من قال ءامين.

المصدر: تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ ، حفظه الله و رعاه وجزاه عنا بأحسن جزائه، ءامين .

شاهد أيضاً

الدرس الثاني والستون | مختصر الشيخ خليل

الدرس الثاني والستون من سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل.   وَأُمِرَ صَبِيٌّ بِهَا لِسَبْعٍ وَضُرِبَ …