الجمعة , 26 أبريل 2024

الدرس الرابع | مختصر الشيخ خليل

بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريممختصر الشيخ خليل

درسنا اليوم هو الدرس الرابع من :سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل.
قال الشيخ خليل رحمه الله تعالى:
{وَأَعْتَبِرُ مِنْ الْمَفَاهِيمِ مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَقَطْ وَأُشِيرُ بِـ ” صُحِّحَ ” أَوْ ” اُسْتُحْسِنَ ” إلَى أَنَّ شَيْخًا غَيْرَ الَّذِينَ قَدَّمْتُهُمْ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ وَبِـ ” التَّرَدُّدِ ” لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ أَوْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَبِـ ” لَوْ ” إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ ، وَاَللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ كَتَبَهُ ، أَوْ قَرَأَهُ أَوْ حَصَّلَهُ أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ ، وَاَللَّهُ يَعْصِمُنَا مِنْ الزَّلَلِ ، وَيُوَفِّقُنَا فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ ، ثُمَّ أَعْتَذِرُ لِذَوِي الْأَلْبَابِ ، مِنْ التَّقْصِيرِ الْوَاقِعِ فِي هَذَا الْكِتَابِ ، وَأَسْأَلُ بِلِسَانِ التَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ وَخِطَابِ التَّذَلُّلِ وَالْخُضُوعِ : أَنْ يُنْظُرَ بِعَيْنِ الرِّضَا وَالصَّوَابِ ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ كَمَّلُوهُ ، وَمِنْ خَطَأٍ أَصْلَحُوهُ ، فَقَلَّمَا يَخْلُصُ مُصَنَّفٌ مِنْ الْهَفَوَاتِ ، أَوْ يَنْجُو مُؤَلِّفٌ مِنْ الْعَثَرَاتِ .}
——————————————–
{وَأَعْتَبِرُ} أي أعتد
وياتى الأعتبار لأربعة معان نظمها بعضهم بقوله:
الإعتداد الاشتراط الاختيار==والاتعاظ أربع للاعتبار

الاعتداد نحو: واعتبر من المفاهيم.و الاشتراط نحو :تعتبر النية في صحة الصلاة. والاختبار نحو: تعتبر الكلمة بالنداء هل هي حرف أو اسم أي تختبر . والاتعاظ نحو :قوله تعالى:{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} الحشر2.
{مِنَ الْـمَفَاهِيـمِ مَفْهُومَ الشَّرْطِ}ويفهم من اعتبار الشرط اعتبار ما هو أرجح منه كالغاية والحصر. {فَقَطْ} ومعنى اعتباره أنه كالشيء المصرح به .
تنبيه : اللفظ قسمان : منطوق ومفهوم . فالمنطوق : ما دل عليه اللفظ في محل النطق . والمفهوم : مادل عليه اللفظ لا في محل النطق . والمفهوم قسمان : مفهوم موافقة ، ومفهوم مخالفة.
و مفهوم الموافقة: ما وافق منطوق اللفظ في حكمه، فإن كان أولى منه بالحكم سمي: فحوى الخطاب نحو:{فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}الإسراء23. فالضرب أولى بالتحريم من التأفيف.
وإن ساواه في الحكم سمي: لحن الخطاب كفهم تحريم إحراق مال اليتيم المفهوم من قوله تعالى:{ إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا } النساء10. فإن الإحراق مساو للأكل في الحرمة.
قال العلامة : يحظيه (اباه) بن عبد الودود:
فحوى الخطاب في الكلام أولى==لحن الخطاب بالمساوي يجلى

ومفهوم المخالفة ما خالف المنطوق في حكمه ويسمى: دليل الخطاب، وهو عشرة أنواع ,نظمها ابن غاز بقوله:
صف واشترط علل ولقب ثنيا==وعدَّ ظرفـين وحصرا إغيا

مفهوم الصفة: سواء تأخرت الصفة نحو: «في الغنم السائمة الزكاة»، {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً}النساء92، أو تقدمت نحو:
إنا محيوك يا سلمى فحيينا
وإن سقيت كرام الناس فاسقينا

مفهوم الشرط : سواء كان الشرط حرفا، نحو: اقتلوا الذمي إن حارب، أو اسما نحو : قوله تعالى: {ومَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التغابن9.
مفهوم العلة: سواء كان التعليل بحرف نحو: حرمت الخمر للاسكار، أو اسم نحو: لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه بطرا ورياء .
مفهوم اللقب نحو: في الغنم زكاة.
مفهوم الاستثناء: نحو قام القوم إلا زيدا.
مفهوم العدد: يخرج تارة ما فوقه وما تحته نحو قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور4. وتارة يخرج ما فوقه فقط كما في الحديث : (أمسك أربعا وفارق باقيهن). وتارة يخرج ما تحته فقط نحو: من سرق ثلاثة دراهم قطعت يده، ونحو {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً}المجادلة4.
مفهوم الظرف:ظرف الزمان نحو: قوله تعالى:{فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}التوبة2. وظرف المكان نحو: {ولاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} البقرة.191.
مفهوم الحصر سواء كان الحصر بإلا نحو : قوله تعالى:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ}آل عمران144. أو إنما نحو: { إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ }طه98. وبتقديم المعمول نحو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }الفاتحة5. وبتعريف الجزأين نحو: {اللَّهُ الصَّمَدُ }الإخلاص2. أو بضمير الفصل نحو: { فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ}الشورى9.
مفهوم الغاية نحو: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ}البقرة187.

قال البشير بن امباريگي البهناوي:
مفاهم الخلاف عشر تعنى = مفهوم حصر غاية واستثنا
والشرطُ والصفةُ والعلةُ قد = عُدت ووقت ومكان وعدد
كإنما الله إله واحد = ولم يخب لديه إلا الجاحد
فاعبده مخلصا إلى الممات = فالموت حتم عن قريب آتي
واهجر جميع الناس إلا الصالحا = فقد هلكت إن صحبت طالحا
وصِلْ فقيرا لتنال الأجرا = وصل ليلا بفناك عشرا
أقواها الاول عنيت الحصرا = وما يلى إلى هلُمَّ جرا
للاختصار اعتبر الشرطَ خليل = وهوَ لاعتبار ما فوق دليل
عاشرها مفهوم الاسم الجامد = يعرف باللقب عند الناقد
ضعفه في الحُجة الثقات = مثاله في الغنم الزكاةُ

{وَأُشِيرُ بِ ” صُحِّحَ “ } وغالبا ما يعنى بها الباجي {أَوْ ” اُسْتُحْسِنَ “} وغالبا يعنى بها ابن عبد السلام {إلَى أَنَّ شَيْخًا} من المالكية وقد يعنى بها نفسه { غَيْرَ} الاربعة {الَّذِينَ قَدَّمْتُهُمْ صَحَّحَ هَذَا} الفرع من الخلاف { أَوْ اسْتَظْهَرَهُ} من عند نفسه {وَبِ ” التَّرَدُّدِ “}أي الكلمة التي تدل على التحير {لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ} ابن أبي زيد ومن بعده {فِي النَّقْلِ}عن المتقدمين وهم: الإمام مالك و أصحابه {أَوْ} في ترددهم في الحكم نفسه {لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ} فليس قوله “لعدم ” عطفا على “لتردد”، لأن العطف حينئذ يقتضي أنه يشير بالتردد لعدم نص المتقدمين ، وإن لم يحصل من المتأخرين تردد بل جزموا كلهم بحكم ، وليس كذلك لفقد معنى التردد حينئذ إذ لا تردد مع جزم المتأخرين المقتدى بهم. بل المعطوف محذوف وتقديره: أو في الحكم نفسه ، والمعطوف عليه قوله:”في النقل”، وحينئذ فالفرق بين الترددين ظاهر إذ الأول في النقل عن الإمام وأصحابه ، والثاني لترددهم في الحكم لعدم نص المتقدمين.
قال بعضهم:
وثالث من القرون سلف==وخامس من القرون خلف
ورابع القرون فيه أختَلفا==هل سلف أو خلف من سلفا

{وَبـ«لَوْ»} المقرونة بالواو الدالة على النكاية { إلَـى خِلاَفٍ مَذْهَبِـيَ.} نسبه لمذهب مالك ، وأما “إن” فيشير بها غالبا إلى خلاف خارج المذهب. ميسر

{واللَّهَ أَسْأَلُ} تقديم المعمول يفيد الحصر ، أي لا أسأل إلا الله ، {أَنْ يَنْفَعَ بِهِ}النفع هو : إيصال الخير و دفع الضر {مَنْ كَتَبَهُ،} لنفسه أو غيره ولو بأجرة {أَوْ قَرَأَهُ} درسا أو مطالعة أو مقابلة {أَوْ حَصَّلهُ} أي جعله حاصلا عنده ولو للتجارة {أَوْ سَعَى فِـي شَيْءٍ مِنْهُ،} أي في تحصيل شيء منه {واللَّهُ يَعْصِمْنَا}أي يحفظنا { مِنَ الزَّلَلِ، وَيُوَفِّقُنَا فِـي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ،} بأن لا نقول إلا الحق ، ولا نفعل إلا هو { ثُمَّ أَعْتَذِرُ} أي أظهر عذري ، والإعتذار طلب المسامحة في فعل أمر، أو تركه.

قال لمرابط : محمذن فال بن متال:
وواجب قبول عذر المعتذر = إن صادقا أو كاذبا فيما أثر
في الجامع الصغير أن من يَرُد = معتذرا حوضَ النبي لم يَرِد
تذييل :
وزيدَ إلا متضيحا لدى = تاج العروس في الذي فيه بدا
وهو الذي يكون آخر الأناس = شربا كما للهروي لا التباس.
وقال آخر:
إذا اعتذر الصديق إليك يوما = تجاوز عن مساويه الكثيره
فإن الشافعي روى حديثا = بالاسناد الصحيح عن المغيرة
عن المختار أن الله يمحو = بعذر واحد ألفي كبيرة
{ لِذَوِي الألْبَابِ،} جمع لب بمعنى العقل ، أي العقول الكاملة لأنهم هم الذين يقبلون العذر {مِنَ التَّقْصِير }من للتعليل أي لأجل التقصير

{ الْوِاقِعِ فـي هٰذَا الْكِتَابِ ، وَأَسْأَلُ} أي أسألهم {بِلِسَانِ التَّضَرعِ وَالْـخُشُوعِ، وَخِطَابِ التّذَلُّلِ وَالْـخُضُوعِ،}هذه ألفاظ متقاربة المعنى

{أَنْ يُنْظرَ بِعَيْنِ الرِّضَا} لا عين السخط شفقة منه عليهم ففي الحديث:  (من طلب عثرة أخيه ليهتكه هتكه الله ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم  {وَالصَّوَابِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ كَمَّلُوهُ، وَمِنْ خَطَأ أَصْلَـحُوهُ؛ فَقَلَّـمَا} للنفي { يَخْـلُصُ مُصَنَّفٌ} بصغة اسم الفاعل و المفعول، و المصنِّف : هو من ألَّف في ما لم يسبق إلى التأليف فيه ، والمؤلف : هو مَن ألَّف فيما سبق إلى التأليف فيه  {مِنَ الْهَفَوَاتِ،} جمع هفوة العدول عن الحق  {أَوْ يَنْـجُو مُؤَلِّفٌ مِنَ العَثَرَاتِ} جمع عثرة مرادفة للهفوة.
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها = كفى المرء نبلاً أن تُعد معائبه
لمرابط محمد فال بن متالي:
ولتقصدوا أربعة لـــدى ابتدا=تعلم لكــي تفــوزا بالــهدى
أولها الــخروج من ضــلال=والثاني نفع خلق ذي الجلال
والثالث الإحــياء للــعـلوم=والــــرابع الـــعمل بالـمعلوم
إلى اللقاء في الدرس القادم إن شاء الله .
و كتب العبد الفقير إلى الله الغني به : عبد الله بن أحمد بن الب ، كان الله في عونه و والديه ، و رحم الله من قال ءامين.
المصدر: تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ ، حفظه الله و رعاه وجزاه عنا بأحسن جزائه، ءامين ،

 

شاهد أيضاً

الدرس الثاني والستون | مختصر الشيخ خليل

الدرس الثاني والستون من سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل.   وَأُمِرَ صَبِيٌّ بِهَا لِسَبْعٍ وَضُرِبَ …