إعداد : الأستاذ عبدالله بن محمدن بن أحمدُّ
الحمد لله لا أبغي به بدلا = حمدا يبلغ من رضوانه الأملا
قوله (الحمد )هو لغة: الوصف بالجميل على جهة التبجيل . وعرفا: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب إنعامه .( لا أبغي) أي لا أطلب و بغيت الشيء أبغيه بُغية بضم الباء وكسره وبُغا و بُغاء بالضم فيهما .(به بدلا) أي عوضا (حمدا) منصوب بفعل محذوف. تقديره احمده , لا بلفظة الحمد المتقدمة ,لان المصدر لا يعمل مفصولا عن معموله بأجنبي,وقيل هو منصوب على المصدرية (يبلِّغ) مِن بلّغَ الشيء بالتشديد وأبلغه أوصله ,ومنه {أبلِّغكم رسالات ربي}.قوله (من رضوانه )الرضوان بمعنى الرضى يقال رَضِي عنه وعليه , رِضىً ورضوانا بالكسر والضم أي للراء, وقرئ بهما ,فالضم لتميم والكسر للحجازيين وقال بعضهم
رضى و رضوان بضم عن تميم = والكسر من أهل الحجاز مستديم
(الأملا) الأمل الرجاء أملت الشيء مخففا آمُله بمد الهمزة , كأكلت الشيء آكله ,وأمّلته بالتشديد أؤمِّله أي رجوته
ثم الصلاةُ على خير الورى وعلى = ساداتنا ءاله وصحبه الفضلا
قوله :(ثم الصلاة ) وهي في اللغة الدعاء والرحمة و الاستغفار ,وهي من الله الرحمة قال الراعي :
صلى على عزةَ الرحمنُ وابنتِها = ليلى وصلى على جاراتها الاخرِ
وقال عدي ابن الرقاع
صلى الإله على امرئ ودعته = وأتم نعمته عليه وزادها
.وصلاة الله على رسوله: رحمته له وحسن ثنائه عليه، وبعبارة اخرى زيادة الرحمة المقرونة بالتعظيم .و عطف هنا بثُم دون غيرها من أدوات العطف,ليفيد الترتيب صريحا لأن حمد الله تعالى أهم وأحق بالتقديم .
قوله(على خير الورى)الورى مقصورا الخلق , وخير الخلق هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا استغنى الناظم رحمه الله . بذكر صفته عن تعيين اسمه لتعيُّن هذه الصفة له صلى الله عليه وسلم
(وعلى ساداتنا) السادة جمع سيد وهو الذي يُلجأً إليه عند الشدائد , يقال ساد فلان قومه يسودهم سيادة وسُؤددا ,بفتح الدال وضمها مع ضم السين فيهما ,والجمع سادة وأسياد,( وآله) أهل بيته وأقاربه المؤمنين من بني هاشم قيل وبني المطلب كما للشافعي رضي الله عنه والآل في اللغة :العشيرة و الاتباع ,(وصحبه )جمع صاحب كركب جمع راكب وأما أصحاب فجمع الجمع وهو عرفا :كل من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذالك ولو لم يره (الفضلاء)جمع فاضل كشاعر وشعراء,على غير قياس ، لأن فاعلا لا يجمع على فعلاء ,بل قياسه فًعّل ,بتشديد العين كعُذّل ,وفُعّال بضم الفاء كعُذّال , وأصل الفضل الزيادة,فمن زاد على أحد بشيء فقد فضله وفضل كنصر وعلم,وهم رضي الله عنهم قد فضلوا سائر الأمم بما خصهم الله تعالى به , من صحبته صلى الله عليه وسلم ورؤيته و اتباعه و الانتساب اليه.
وبعدُ فالفعلُ من يحكمْ تصرفهُ = يحزْ من اللغةِ الابوابَ والسًّبلا
قوله (وبعدُ )ضد قبلُ وهي ظرف مقطوع عن الاضافة لفظا لا معنى . مبني على الضم في محل نصب والواو نائبة عن أما وصلة أما هي: بعدُ والتقدير : وبعدَ ما ذكرتُ من الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .(فـ)سأتكلم عن (ـالفعل) و تصاريفه ومراده بالفعل هنا الفعل الصناعي أي ما يشمل الماضي والمضارع و الأمر وما يشتمل من الأسماء على حروف الفعل ومعناه من مصدر واسميْ فاعلٍ ومفعولٍ واسميْ زمان ومكان وآلة ، وذالك أن علم التصريف يُبحث فيه عن أبنية الكلم ,والكلِم اسم وفعل وحرف ,ولاحَظَّ – كما تعلم – للحروف في التصريف وكذا الاسماء المبنية و الافعال الجامدة ,لقوة شبهها بالحروف ,لأنها لا تقبل التغيير,فصار علم التصريف مختصا اصالة بالأفعال المتصرفة و الاسماء المتمكنة أي المعربة وهو أصل في الفعل لكثرة تغييره ,لظهور الاشتقاق فيه ولذالك خص هنا الناظم هذا النظم بالأفعال. قوله (من يُحكم تصرفه )أي يتقن ويضبط ,والتصرف التقلب ,وتصريف الشيء تقليبه من حال إلى حال ، قوله (يحزْمن اللغة )أي يحوى ويحيط ، يقال :حازه يحوزه حوزا وحيازة أي ضمه وأحاط به . قوله : (الأبواب )جمع باب فرجة يتوصل بها من داخل إلى خارج ،وباب الشيء ما يدخل إليه منه حقيقي في المباني كباب الدار ، ومجازي في المعاني كباب المجرَّد أو المزيد مثلا وقوله (السبُلا), جمع سبيل وهو الطريق ,ويذَكَّر كل منهما و يؤنث، والمعنى أن من أتقن تصريف الأفعال بمعرفة المقيس من أبنيتها وضبط الأوزان السماعية منها فقد حاز أبواب اللغة وطرُقَها المؤديةَ إلى معرفة علم التصريف ,وذالك ان الناس في ذالك ثلاثةُ أصناف .
الأول :صنف عرف الأبنية والأوزان , فهذا تصريفي فقط ,كمن يعلم أن قياس مضارعِ فعُل الضمُّ ، ككرُم يكرُم وسَهُل يَسهُل وأن قياس اسمِ الفاعل منها فعيل ككريم ،وفعْل كسهْل ، إلا أنه لا يعلم الفارق بين فعُل بالضم وفعِل بالكسر وفعَل بالفتح؛
والثاني صنف عرف مواد اللغة بالنقل والمطالعة ، لكنه لا يعرف الأقيِسةَ و الموازين، فهذا لغوي فقط ؛
والثالث صنف يعرف الموازين والأقيسة التي يرُد بها كل نوع الى نوعه أولاً ثم تتبع مواد اللغة نقلا ، فهذا هو : المتقن الذي أتقن علم التصريف وهو مراد الناظم رحمه الله .فمراده حصرُ الأفعال كلها ومعرفةُ ما جاء منها مقيسًا وشاذاً إلا أنه لمَّا لم يُمكنْه ذالك حَصَرَ الشاذ منها وأحال على المقيسِ في كتب اللغة.
فهاك نظما محيطا بالمهمِّ وقدْ = يحوي التفاصيل من يستحضر الجملا
قوله (فهاك) اسم فعل بمعنى خُذ, والكاف للخطاب يفتح للمذكر ويكسر للمونث ويثنى ويجمع تقول هاكَ وهاكِ وهاكما وهاكم وهاكن ,قوله (نظما) النظم تأليف الشيء على وجه مخصوص، ومنه نظم الشعر, يقال نظم ينظِم كضرب يضرِب نظما ونِظامًا أي جمعه وألفه. قوله (محيطا)الإحاطة بالشيء إدراكه من جميع جوانبه ,ومنه الحائط, قوله( بالمهم ) أي الامر الذي يهمك شأنه فتعتني به.قوله(وقد يحوي التفاصيل ) جمع تفصيل وهو في الأصل مصدر فصَّلت الشيء ميّزت بين أجزائه والمراد به هنا معرفة الأمور الجزئية, كمعرفة افراد مواد اللغة قوله (من يستحضر الجملا) الجمل الأمور الكلية كمعرفة الأبنية مثلا,ومعنى البيت: أنك إذا أردت حيازة أبواب اللغة فدونك نظما محيطا بمعرفة الابنية المقيسة منها وحصر ما شذ منها ومن عرف الجمل ادى به ذالك الى حيازة التفاصيل . وإلى الدرس القادم إنشاء الله
Tags المقدمة
Check Also
الدرس الحادي والأربعون من لامية الأفعال مع احمرار الحسن بن زين.
إعداد: الأستاذ عبد الله ولد محمدن ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، الله …
بارك الله فيكم وحفظكم
بارك الله فيكم وجعل هذه الدروس العلمية في موازين حسناتكم