درسنا اليوم هو الدرس السادس عشر من: سلسة ألفية ابن مالك مع احمرار المختار ابن بونَ
إعداد الأستاذ محمد عالي بن امد بن أحمدُّ
الله المستعان
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على نبيه الكريم
الباب السابع من أبواب النيابة
تمهيد:
لما فرغ من الكلام على المعتل من الأسماء شرع في المعتل من الأفعال فقال :
وأي فعل آخر منه ألف … أو واو أو ياء فمعتلا عرف
يعني أن المعتل من الأفعال هو ما كان في آخره واو قبلها ضمة، نحو:
يغزو، أو ياء قبلها كسرة، نحو: يرمي، أو ألف قبلها فتحة، نحو:
يخشى.
فالألف انو فيه غير الجزم … وأبد نصب ما كيدعو يرمي
والرفع فيهما انو واحذف جازما … ثلاثهن تقض حكما لازما
ذكر في هذين البيتين كيفية الاعراب في الفعل المعتل، فذكر أن الألف يقدر فيها غير الجزم – وهو الرفع والنصب – نحو ” زيد يخشى ” فيخشى:
مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، و ” لن يخشى ” فيخشى:
منصوب، وعلامة النصب فتحة مقدرة على الألف، وأما الجزم فيظهر، لأنه يحذف له الحرف الآخر، نحو ” لم يخش “.
وأشار بقوله: ” وأبد نصب ما كيدعو يرمي ” إلى أن النصب يظهر فيما آخره واو أو ياء، نحو ” لن يدعو، ولن يرمي “.
وأشار بقوله ” والرفع فيهما انو ” إلى أن الرفع يقدر في الواو والياء، نحو ” يدعو، ويرمي ” فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الواو والياء.
وأشار بقوله: ” واحذف جازما ثلاثهن ” إلى أن الثلاث وهي الألف، والواو، والياء تحذف في الجزم، نحو ” لم يخش، ولم يغز، ولم يرم ” فعلامة الجزم حذف الألف والواو والياء.
وحاصل ما ذكره: أن الرفع يقدر في الألف والواو والياء، وأن الجزم يظهر في الثلاثة بحذفها، وأن النصب يظهر في الياء والواو، ويقدر في الألف. (انظر شرح ابن عقيل)
طرر الأبيات:
فصل: في المعتل من الأفعال
{وأي فعل آخر منه ألف} كيخشى {أو واو} كيدعو {أو ياء} كيرمي {فمعتلا عرف}.
{فالألف انو فيه غير الجزم} نحو يخشى ولن يخشى. {وأبد نصب ما} آخره واو {كيدعو} أو ياء {كيرمي} ويقدر في الضرورة كثيرا، وفي السعة قليلا قال:
فما سودتني عامر عن وراثة =أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
وقوله:
أرجو وءامل أن تدنو مودتها= وما إخال لدينا منك تنويل
وقوله:
ما أقدر الله أن يدني على شحط =من داره الحزن ممن داره صول
وقرئ ((إلا أن يعفون أو يعفُو الذي))
{والرفع فيهما أنو}على الواو والياء، وأما قوله:
إذا قلت عل القلب يسلوُّ قيضت= هواجس لا تنفك تغريه بالوجد
وقوله:
فعوضني منها غناي ولم تكن =تساويُّ عندي غيرَ خمس دراهم
فضرورة.
{واحذف جازما} الأفعال الثلاثة بذلك الحذف نيابة عن السكون {ثلاثهن تقض حكما لازما} عليك، وأما قوله:
إذا العجوز غضبت فطلق =ولا ترضاها ولا تملق
وقوله:
ألم يأتيك والأنباء تنمي= بما لاقت لبون بني زياد
وقوله:
وتضحك مني شيخة عبشمية =كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا
وقوله:
هجوتَ زبانَ ثم جئت معتذرا =من هجو زبان لم تهجو ولم تدعِ
فضرورة، وأما قوله تعالى: ((إنه من يتقي ويصبرْ)) في قراءة قنبل فمؤول.
التعليقات:
قوله :”في قراءة قنبل” هي رواية .
قوله: “وأما قوله تعالى: إنه من يتقي ويصبرْ في قراءة قنبل” أي بإثبات الياء وتسكين الراء،أما تاويله فقيل: مَنْ موصولة وتسكين يصبر للتخفيف، أو الوصل بنية الوقف،
وقيل: مَنْ شرطية ، والياء إشباع أو لإجراء المعتل مجرى الصحيح فجزم بحذف الحركة المقدرة
توجيهات :لحالات إعراب الفعل المعتل بالألف والواو والياء في الرفع والنصب والجر
الأول إنما جاز حذف الآخر في الجزم وليس علامة الرفع
قال الرضي: لأن شأن الجازم عندهم حذف الرفع الذي في الآخر والرفع الذي فيه محذوف للاستثقال أو التعذر قبل دخول الجازم فلما دخل لم يجد في الآخر إلا حرف العلة مشابها للحركة فحذفه .
و مذهب سيبويه أن الجازم حذف الحركة المقدرة وحرف العلة حذف عند الجازم لا به فرقًا بين صورة المجزوم والمرفوع وكلام المصنف محتمل لهذا المذهب أيضًا .
الثاني: إنما لم يلحق النصب بالجزم في الفعل المعتل كما ألحق به في الأفعال الخمسة لأنه إنما ألحق به ثم لتعذر الإعراب بالحركة بخلافه هنا فأعرب نصبًا بالحركة على الأصل وقولنا بخلافه هنا هو باعتبار الغالب فلا ينافي أن ما آخره ألف من المعتل متعذر الحركة فتأمل.
الثالث: قال بعضهم: إنما ثبتت ألف نحو يخشى نصبًا لا جزمًا لأن الجزم ذهاب الحركات وإذا ذهبت فلا فائدة لثبوت حرفها الذي هو الألف بخلاف النصب فإن الحركة فيه موجودة إلا أنها تغيرت من ضمة إلى فتحة فلو حذفت الألف بقيت الحركة التي هي الفتحة بلا حرف.
فائدة: اعلم أنه لا يحذف حرف العلة إلا إذا كان متأصلًا، فإن كان بدلًا من همزة كيقرا ويقري و يوضو فإن كان الإبدال بعد دخول الجازم فهو قياسي لسكون الهمزة ويمتنع الحذف لأن العامل أخذ مقتضاه وإن كان قبله فهو شاذ والأكثر حينئذٍ عدم الحذف بناء على عدم الاعتداد بالعارض.
صبان بتصرف
خاتمة لأبواب النيابة
اعلم أن النائب في الاسم: إما حرف وإما حركة، وفي الفعل: إما حرف وإما حذف.
فنيابة الحرف عن الحركة في الاسم تكون في ثلاثة مواضع: الأسماء الستة، والمثنى، والمجموع على حده، فبدأ بالأسماء الستة لأنها أسماء مفردة والمفرد سابق المثنى والمجموع ،ولأن إعرابها على الأصل في الإعراب بالفرع من كل وجه.