درسنا اليوم هو الدرس العاشر من:سلسلة دروس لامية الأفعال مع احمرار الحسن ابن زين
إعداد الأستاذ : عبد الله بن محمدن بن أحمدُّ
الله المستعان ما شاء الله لا قوة إلا بالله
قال ابن مالك
………………………… == والمضارع من فعلت إن جُعلا
عينًا له الواوُ أو لاما يُجاء به == مضموم عين وهذ الحكم قد بذلا
لما لبذ مُفاخر وليس له == داعي لزوم انكسار العين نحو قلى
شرع في هذه الابيات بذكر جوالب الضم ودواعيه التي تقتضي ضم عين فعَلَ في المضارع، فذكر أن العين أو اللام إذا كانت واوا في فعَل فمضارعه مضموم العين، فالاول كباء يبوء إذا رجع وعاد, وناء بحمله نهض بجهد ومشقة ينوء, وآب يؤوب وتاب يتوب وكلها معنى رجع, ومنه قوله تعالى (يا جبال أوِّبِي مَعَه) .
والثاني: كبدا يبدو، وقلا يقلو، وألاَ يألو: قصَّر,ومنه (لا يالونكم خبالا) وثغت الشاة تثغوا : صوتت,
قال في طرة البيت: لزوما في العين وغلبة في اللام؛ كيسوء وينوء ويدعو ويرغو، وأما مات يميت ويمات؛ فلأن مات تأتي كقال وخاف؛ ولذا قرئ: {ياليتني مت} بالضم والكسر، ومكسورها كحسب. وغير الغالب سيأتي.
وهذا الحكم الذي هو ضم العين قد بُذل لما لبذ مُفاخر
أي أن كل فعل بني للمغالبة فإنك ترد مضارعه إلى يفعُل بالضم, مالم يكن فيه داع للكسر,من كون فائه واوا كوعد, أوعينه ياء كباع, أو لامه ياءً:أتى وقلَى المذكورة في البيت أ وكونه مضعفا لازما كحنَّ, كما تقدم فهذه الثلاثة تمنع الضم في عين المضارع الآتي للدلالة على المغالبة وبذ الفخر,دون الأخير فإنه لا يمنع من الضم في المغالبة لأن موجب الكسر قد فارقه بتعديه بسبب المغالبة لأنها من جملة المعدِّيَّات,كما ياتي في الطرة لاحقا ,
قال في الطرة :لما لبذ مُفاخر ولو حلقيا عينا أو لاما عند الجمهور. وليس له داعي لزوم انكسار العين؛ كفاخرني ففخرته أفخره وشاعرني فشعرته أشعُره وصارعني فصرعته أصرعُه، وشذ –كما في ق: خاصمني فخصمته أخصِمه بالكسر.
ويجيء فعل الغلبة دون فاعَلَ؛ قال:
إن الفرزدق صخرة ملمومة طالت فليس تنالها الأوعالا
(وفي رواية: “عاديّة” بدل “ملمومة” ، و”الأجبالا” بدل “الأوعالا” ، وهي أنسب؛ لأن المطاوعة تكون بين متجانسين).
فإن كان له داعي لزوم انكسارها نحو بايعته فبعته، وواعدته فوعدته، وقالاه فـقلاه، فالكسر؛ فتقول: أبيعه وأعِده ويقليه –على أنها يائية- ، وإلا فالضم؛ لبذ الفخر والواو لامًا؛ كقوله:
كل له نية في بغض صاحبه … والحمد لله نقلوكم وتقلونا
ومنه:
والشمس طالعة ليست بكاسفة … تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
باكيته فبكيته كنت أبكى منه ,على رواية الجوهري،أي ليست تكسف ضوء النجوم مع طلوعها لقلة ضوئها وبكائها عليك والذي في ق : “والشمس كاسفة ليست بطالعة أي كاسفة لموتك تبكي أبدا ، وانتصاب النجوم عليها على الظرفية كـ”القارظين”.
قال الحسن ابن زين:
إذ مقتضي كسر عين إذ يزاحم ما = يدعو على الضم يطوي كل ما سدلا
معنى ذالك ان جوالب كسرالعين المتقدمة أقوى من جوالب الضم التي هي: كون الواو عينا، أو لاما، والتعدي في المضعف، وبذِّ الفخر, فإذا تزاحم داعي الضم وداعي الكسر في فعل واحد, فإن داعيَ الكسر يغلب داعي َالضم ،وذالك ما عبر عنه الناظم بقوله : يطوي كل ما سدلا,
قال في الطرة: إذ مقتضي كسر عين من ياءٍ عينا أو لاما، أو واوٍ فاءً، أو لزوم مضعف. إذ يزاحم ما يدعو إلى الضم من واو عينا أو لاما، أو تعدي مضعف، أو بذ فخر –ولو تعدد- يغلبه فـيطوي كل ما سدلا؛ كما رأيت، وكيشويه وينويه ،وتقديم الياء مهمل،ونحو “ودَّ” من فعَل لم أقف عليه، فلينظر، وبذ الفخر موجب للتعدي فلا يزاحم لزوم مضعف.
قال ابن زين:
وكف جالب فتح إذ يزاحم ما == يدعو إلى غيره، وامنعه ما سألا
إلا شذوذا وإلا ما كضع وسعى == فالفتح ما لم يكن بالشهرة انخزلا
ذكر هنا :أن جالب الفتح كذالك يُكف هو الاخر, إذا زاحمه جالبٌ آخُرُ, كسرًا كان أو ضمًا . وهو ما عبَّر عنه الناظم بقوله (وامنعه ماسألا )أي من فتح لعين المضارع إلا في ثلاثة مواضع يغلب جالب الفتح فيها جالبيْ الكسر والضم ولا يكُفانه,,
أولها:غلبته شذوذًا في أفعال معدودة سيذكرها فيما بعد,
والثاني :غلبته على جالب الكسر فيما فاؤه واوً ولامه حلقية كوضع يضع, والثالث: ما إذا كانت لامه ياءً وعينه حلقيةَ كذالك, كسعى يسعى ففي هذين المثالين يتعين الفتح لغلبة جالبه على جالب الكسر,وهذا مالم ينفرد الكسر بالشهرة وإلاَّ غلب حينئذ لان الشهرة وحدها تغلب, أحرى إذا كان معها داع للكسر,وذالك كنعى ينعِى ونغى ينغِى وكذالك يغلب جالب ُالكسر جالبَ الفتح إذا كان مع الياء حال كونها لاماً فاءٌ حال كونها واواً تعضدها وتقويها وذالك كوعى يعي ووخى يخي .
قال في الطرة:وكف جالب فتح من عين حلقية أو لام كذلك، لا فاء؛ لسكونها. وشذ أبى وأث كعض وهلك عند ق .
إذ يزاحم ما يدعو إلى غيره من جالب ضم أو كسر؛ كيدعو وينوء وأشعره ويدع، وكيكِع ويبيع ويعد. وامنعه ما سألا؛ توطئة لقوله: إلا شذوذا. فقد تُغلب الواوُ فاء من جوالب الكسر نزرا، ولامًا من جوالب الضم قليلا كما يأتي.
وإلا ما فاؤه واوٌ ولامه حلقية، أو لامه ياء وعينه حلقية؛ كضع وسعى فالفتح؛ لغلبة جالبه، كيضع ويقع ويجأ:يرُض، ويذأ: يعيب، ويزأ اللحم: يوبسه، ويزع ويدع ويَبَهُ به: يفطن، ويثغ الرأس: يشدخه.
وشذ يضِح ويلح الجمل: يثقله، ووطحه: دفعه بعُنف، ووكحه: وطئه بشدة، ووقح الحافر وَقاحة ووُقوحة وقَحة وقِحة: صلـُب. والشذوذ في الحاء كثير.
وكيسعى وينهى وينأى ,ويبأى: يفخر، ويرعى وينعى؛ {من أقصى المدينة رجل يسعى}، {لا ينهاكم الله}،
فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها… فإنك مما أحدثت بالمجرب
فمن ذا الذي يبأى عليَّ بخاله… كخالي عليٍّ – ذي الندا- وعقيل
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي… في رؤوس الجبال أرعى الوعولا
من حبها أتمنى أن يلاقيني… مـن نحـو بلدتها ناع فـينعاها
ما لم يكن مع الياءِ لامًا واوٌ فاءً تعضدها فتغلب العين؛ كـيئي: يعد، ويخي: يقصد كيتوخى، قال:
توخى بها مجرى سهيل ودونه… من الشام أجبال تطول وتقصر
ويحي: يُسرع أو يلهم كيوحي وهو أشهر، ويهي: يضعف.
أويكن بالشهرة انخزل: انفرد بالشهرة كيبغي وينغي: يتكلم، “حتى لا أنغي نغية…” ، وينعي الميت، قال:
إذا مت فانعيني بما أنا أهله … وشقي عليَّ الجيب يا ابنة معبد.
لأنها تغلب مفردة، كينضِح وينزِع ومنه (ثمَّ لننْزِعَنَّ منْ كل شِيعة)وينتِخ؛ بمعناه، قال:
تنبذ أفلاءها في كل منزلة … تنتخ أعينها العقبان والرخم
ثم قال ابن زين
فذو الشذوذ كهب عن كسرة وكما == عن ضمة شذ يطهى لحمه عجلا
يمحى وينحى ويدحى الارض ثمت قل== يصغى ويضحى وفيها قيسها نقلا
فمعنى البيتين أن هذه سبعة أفعال غلب فيها جالبُ الفتح جالبَ الكسر والضم شذوذا ،ونقل فيها القياس وهو غلبة جالب الكسر والضم على الفتح ,فغلبة جالب الكسر على الفتح شذوذاً واقعة في فعل واحد منها,وهو وهب يهَب بالفتح ونقل فيها الكسر أما غلبته لجالب الضم شذوذاَ ففي الستة الباقية وهي ما عناها بقوله وكما عن ضمة الخ قال في طرة الابيات
فذو الشذوذ نوعان؛ إما عن كسرة كهب ولم أقف له على نظير، وإما عن ضمة فهو قوله: وكما عن ضمة شذ يطهى لحمه عجلا: يعالجه شيًّا أو طبخا طهوا فهو طاهٍ جمعه طهاة، وعجلا تتميم للبيت
فظل طهاة اللحم من بين منضج … صفيف شواء أو قديد معجل
يمحى وينحى: يقصد. يدحى الأرض: يبسطها، ومنه الأُدحي.
ثم ثمت قل يصغى إليه: يميل، ويضحى: يبرُز للشمس. وفيها قيسها نقلا فتقول: يطهُو …ونحى ينحو, ومحى يمحو,وودحى يدحو, وصغى يصغو, وضحى يضحو. والله تعالى اعلم
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم تسليما.