درسنا اليوم هو الدرس الحادي والخمسون: من سلسلة دروس مختصر الشيخ خليل.
وَكَمُتَيَمِّمٍ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ، وَأُوِّلَ: بِالْمَشْكُوكِ، وَبِالْمُحَقَّقِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْوَقْتِ: لِلْقَائِلِ بِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ، وَمُنِعَ مَعَ عَدَمِ مَاءٍ: تَقْبِيلُ مُتَوَضٍّ، وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ، إِلَّا لِطُولٍ وَإِنْ نَسِيَّ إِحْدَى الْخَمْسِ ؛ تَيَمَّمَ خَمْسًا. وَقُدِّمَ ذُو مَاءٍ مَاتَ وَمَعَهُ جُنُبٌ إِلَّا لِخَوْفِ عَطَشٍ: كَكَوْنِهِ لَهُمَا وَضَمِنَ قِيمَتَهُ وَتَسْقُطُ صَلَاةٌ وَقَضَاؤُهَا بِعَدَمِ مَاءٍ وَصَعِيدٍ.
——————
{وَكَمُتَـيَـمِّـمٍ عَلَـى مُصَابِ بَوْلٍ} أي على أرض أصابها بول أو غيره من النجاسات، واستشكلت الإعادة في الوقت مع أنه تيمم على صعيد نجس فهو كمن توضأ بماء متنجس فكان القياس الإعادة أبدا، وأجيب بأجوبة اقتصر المصنف منها على اثنين بقوله: {وَأُوِّلَ} قول المدونة: “المتيمم على موضع نجس يعيد بالوقت” {بِالْـمَشْكُوكِ} في إصابتها، وعليه إن كان محققا أعاد أبدا {وَ}أول {بِالْـمُـحَقَّقِ وَ} إنما {اقْتَصَرَ} الإمام مالك {عَلَـى} إعادة {الْوَقْتِ} مراعاة {لِلْقَائِلِ} من الأئمة {بِطَهَارَةِ الأَرْضِ بِالْـجَفَافِ} كالحسن البصري ومحمد ابن الحنفية، وهذا من باب مراعاة الخلاف وليس فيه تقليد مجتهد لغيره الممنوع. قال بعضهم:
وبالخفي أولت وطهرها == باليبس أو بجهله وسترها
بالريح أو بالفرق بين الماء == والأرض واليقين والمراء
لأصبغ عياض وابن العربي == عياض النعالي عال النسب
وقال محمد مولود (آدَّ):
فائدة مواضع الأنجاس == تطهر بالشمس لدى كراسي
كوفة والبصري وابن كاس == شيخ إمام طيبة النبراس
كذا بكل مائع قَلاع == لدى أئمة طوال الباع
منها البشيري ومن له قفا == وأبوا حنيفة ويوسفا
وقال بعضهم:
وكل من أعاد وقتا فبِما == إلا الذي على أذى تيمما
وواجدا بثوبه ومقتصر == لكوعه ومن يسيرا يدكر
كذا الذي فضل جماعة قصد == تيممٌ على حشيش انفرد
تذييل للبناني:
والكل في المختار غير الأولين == ورابعٍ فبالضروري يسْتبين
تذييل لشيخنا العلامة الشيخ بن حَمَّ:
لكنما العائد للجمع لمِ == يكن دخوله من المسلَّم
فللضروري بلا نكير == يُعيد للجمع لدى الدردير
{وَمُنِعَ} وقيل يكره ونقله البناني عن ابن رشد {مَعَ عَدَمِ مَاءٍ} وعدم القدرة عليه خلافا لابن وهب {تَقْبِـيلُ مُتَوَضٍّ} ذكرا أو أنثى، وكذا كل ناقض يقدر على تركه {وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ} متوض أو غيره، {إلَّا لِطُولٍ} ينشأ عنه ضرر ببدنه أو خوف العنت، وقول المصنف: “إلا لطول”: راجع لجماع مغتسل، لا له ولما قبله وهو التقبيل لأنه لا يتصور ضرر بترك التقبيل، وأيضا الجماع فيه انكسار الشهوة وتسكين ما عنده بخلاف التقبيل فإنه يحرك الشهوة ويهيجها.
قال بعضهم:
تقبيل ذي وضوء أو جماعُ == مغتسل منعَهما أشاعوا
والمنع محمول على الكره لدى == بعضهم ففيه خلف قد بدا
إلا لضر أحد الزوجين == بالطول كاليوم أو اليومين
عزى الميسر إلى أبي الحسن == ذاك وذاك عندهم حكم حسن
وبالثلاث حده المفيد == على الرسالة وذا مفيد
{وَإِنْ نَسِيَّ} من فرضه التيمم {إِحْدَى} الصلوات {الْـخَمْسِ} وجهل عينها {تَـيَـمَّـمَ خَمْسًا} لكل صلاة تيمم، وهذه المسألة مستفادة من قوله سابقا: “لا فرض ءاخر”. {وَقُدِّمَ} في الغسل لحق الـمُلْكِ {ذُو مَاءٍ} أي مالكه {مَاتَ وَمَعَهُ جُنُبٌ} ولو كان الماء للحي لكان أحق به {إِلاَّ لِـخَوْفِ عَطَشٍ} على محترم آدمي أو غيره، فيقدم حفظا للنفوس وييمم الميت، والاستثناء منقطع لأن ما قبله في الطهارة وهذا في الشرب {كَكَوْنِهِ} أي الماء مملوكا {لَهُمَا} أي للميت والجنب الحي، فيقدم الجنب ترجيحا لجانب الحي لخطابه وعدم خطاب الميت {وَضَمِنَ} الحي المقدم في خوف العطش وفي كونه لهما {قِـيـمَتَهُ} جميعَه في الأولى، وقيمة حظ الميت في الثانية لورثة الميت فيهما. وأما لو كانا حيين فإن اختلف المانع قدمت النفساء على الحائض والحائض والجنب على الأصغر، وضمن كل للآخر قيمة حصته، وإن اتحد الموجب فإن كان يكفي أحدهما دون الآخر أخذه ودفع للآخر قيمة حصته، وإن كان يكفي كلا تقاوياه إلى أقصى القيمة فمن بذل قيمته كان أحق به، ومحل التقاوي إن كانا موسرين، وأما إن كانا معسرين فيباع عليهما، وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا أخذه الموسر ودفع للمعسر قيمة حصته.
قال بعضهم:
إن كان بين اثنين ماء قد حصل == فيه كفاية معين بذل
صاحبه له نصيبه إذًا == ومن له أُعطِي قيمة ضمن
وإن يكن يكفي سوى معين == واتحد المانع يا ذا الفطن
تقاويا ماءهما فمن بذل == أكثر من صاحبه به اغتسل
وإن يكن ما بذلا متحدا == فالظاهر القرعة جنبت الردى
والاقتوا محله إن أيسرا == ومُوسِرٌ يعطيه من قد أعسرا
نصيبه أما إذا ما أعدما== باعا إذا ما رضيا أو قسما
إلا إذا ما ابتغيا استهاما == فلهما ذاك ولا كلاما
وفي اختلاف مانع فذو الدم == من حيض أو من النفاس قدِّم
ونفسا قَدِّم على من أعصرا == وجنبا قدم على ذي أصغرا
{وَتَسْقُطُ صَلاَةٌ} أي أداؤها في الوقت {وَقَضَاؤُهَا} عند الإمام مالك {بِعَدَمِ مَاءٍ وَصَعِيدٍ} كمربوط ومريض لم يجدا مناولا، وراكب سفينة لا يصل للماء ولا يقدر عليه.
قال بعضهم:
ومن لم يجد ماءً ولا متيمما == فأربعة الأقوال يحكين مذهبا
يصلي ويقضي عكس ما قال مالك == وأصبغ يقضي والأداء لأشهبا
تذييل للتتائي:
ولللقابسي ذو الربط يومي لأرضه == بوجه وكف للتيمم مطلبا
تذييل لابن غازي:
أرى الطهر شرطا في الوجوب لمسقط == وشرطَ أداء عند من بعدُ أوجبا
ويحتاط باقيهم ومن قال إنه == لأشهب شرط دون عجز قد اغربا
تذييل للرهوني:
هو الحق لا إغراب فيه ولا امترا == فعنه أبو بكر أبان وأعربا
تذييل محمد الخضر ابن مايابى :
ويبطلها ما كان من حدث بها == وقيل بشرط العمد والأُلُّ صوبا
وكتب العبد الفقير إلى الله الغني به عبد الله بن أحمد بن الْبُ . وكان مصدر هذا التدريس: تدريس شيخنا العلامة الشيخ بن حم -حفظه الله ورعاه-.